المنظم
e-joussour, Portail de la société civile Maghreb-Machrek
التاريخ
2015-07-14

ما فتئ دور الإعلام عامة والاعلام الجديد على وجه الخصوص يتزايد في حياتنا المعاصرة وذلك بالنظر إلى ما أصبح يضطلع به من وظائف حيوية على مستوى الدولة والمجتمع ، أولا باعتباره أداة للأخبار والتأطير وتشكيل الرأي العام وبناء الوعي الجمعي بالقضايا المشتركة، وثانيا بوصفه جسرا للتواصل وتعميم المدركات الجماعية حول المسائل والقضايا المعاصرة، وثالثا لكونه يشكل مرآة المجتمع العاكسة من جهة لقضاياه التي تحظى باهتمام الفاعلين السياسيين وصناع القرار ومن جهة ثانية لهموم المواطن وانشغالاته.

في هذا السياق ومنذ تحريره، شهد المشهد الاعلامي المغربي خلال العقد الأخير تطور ات هامة تندرج ضمن المسار التعددي والديمقراطي الذي انخرطت فيه بلادنا وبوأته مكانة بارزة ضمن منظومة الفاعلين الرئيسين والسلط الرمزية المؤثرة في الحياة الفردية والجماعية وذلك بفعل تظافر عوامل عديدة يتداخل فيها ما هو  سياسي بما هو  اجتماعي. كما يتعاضد فيه ما هو اقتصادي بما هو تكنولوجي ناجم عن الثورة التكنولوجية التي كان لها النصيب الأكبر في تطوير وتنويع أشكال الممارسة الإعلامية بالمغرب، إلى جانب عامل آخر لا يقل أهمية ويتعلق بالحركية الثقافية والفنية التي عرفها المجتمع خلال العشرية الاخيرة .

تطور يمكن رصد معالمه على مستويات عدة نجملها في:

  • تعدد المنابر الاعلامية سواء تعلق الامر بالصحافة المكتوبة أو بالمحطات الإذاعية أو بالانفتاح على القنوات العالمية أو ما تعلق بالصحافة الإلكترونية أو ما يطلق عليه اليوم "بالإعلام الجديد ".
  • تطور التشريع في مجال الصحافة وصدور قانون 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري وإصدار المرسوم القاضي بإنهاء احتكار الدولة في ميدان البث الإذاعي أو ما تعلق بجانب التقنين ولاسيما إحداث الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري
  •  إرساء قواعد وأخلاقيات ممارسة المهنة على أسس تضمن سلامة الفضاء المهني الإعلامي، دونما تفريط في حرية الرأي والتعبير ودونما تجاوز على المسؤولية التي يقتضيها كل عمل إعلامي.
  • العمل على تنظيم العلاقة بين الدولة ومتعهدي الاتصال السمعي البصري من خلال دفاتر التحملات التي تحدد قواعد وممارسات التعددية وأخلاقيات المهنة.
  • الرفع التدريجي من الدعم العمومي لفائدة المقاولات الصحفية وبلورة برامج للتكوين المستمر للصحفيين.
  • انفتاح الدولة على الفاعلين في الميدان من نقابات وفيدرالية الناشرين      

بالإضافة إلى تعزيز المشهد الاعلامي المغربي بمقتضيات دستورية صريحة في مجال الإعلام.

غير أن اللافت في معالم التطور آنفة الذكر هو الممارسة الإعلامية التي تندرج في إطار ما بات يعرف بالإعلام الجديد، والإعلام الجمعوي منه خاصة، من خلال ما أحدثته من تغيير في الإعلام التقليدي نفسه بفعل ما أسهمت به من اندماج لمختلف وسائل الإعلام في بعضها البعض انتهت معه الحدود .        

وقد كان لهذا التطور تداعيات كبيرة منها ما هو إيجابي ومنها ما هو سلبي، تستدعي التدخل الفوري لتأطير هذا النوع من الممارسة الإعلامية وضبط قواعد تدبيرها القانوني والتنظيمي والمهني والأخلاقي والتوافق على نموذجها الاقتصادي على نحو يثمن ويرصد وينمي تراكماتها الإيجابية ويوفر قواعد وضمانات حماية المجتمع وحماية المستهلك والجمهور الناشئ على وجه الخصوص من أضرارها وفقا لما هو متعارف عليه في الممارسات الفضلى على المستوى الدولي.

أما الإعلام الجمعوي فيتزايد اللجوء إليه أكثر في الدول النامية بدعم، من الحكومات ومن المنظمات غير الحكومية  على السواء في سياق تحفيز الساكنة المحلية على الانخراط في تقييم ووضع وتنفيذ السياسات والبرامج التنموية، خاصة في المناطق القروية أو في المدن المهمشة، وتشتغل على مجالات متنوعة من قبيل الصحة والتربية والبيئة والمواطنة والديمقراطية المحلية.

ومن هذا المنطلق أصبح من الملح أن تلتحق بلادنا بركب الدول التي، عززت مشهدها الإعلامي بإعلام جمعوي  في شكل خدمات إذاعية  أو  تلفزيه، أولا في سياق التنزيل الديمقراطي للدستور الجديد وما حمله من أجيال جديدة من الحقوق والحريات المتصلة على وجه الخصوص بحرية الإعلام وبالديمقراطية التشاركية والأدوار الدستورية للمجتمع المدني وثانيا، ضمن الجهود الرسمية والحكومية الرامية إلى توسيع مشاركة المواطنين والمواطنات في السياسات العمومية والبرامج التنموية، وثالثا في إطار  تأهيل الإعلام لمواكبة الجهوية الموسعة وأداء أدواره في تأطير النخب المحلية للنهوض بأعباء الجهة، ورابعا في سياق رفع مؤشرات بلادنا في التنمية البشرية والإشعاع الدولي لنموذجنا الديمقراطي التضامني.

ولهذا، بات من الضروري التدخل تشريعيا وتنظيميا وعلى مستوى السياسات العمومية لإرساء هذا النوع من الممارسات الإعلامية الجديدة في رسالتها ووظائفها ووسائلها ورفع كل العوائق التي تحول دون ذلك.

وفي هذا الإطار، تندرج هذه المبادرة بتنظيم هذا اليوم الدراسي في إطار تعزيز التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتفعيلا للمقاربة التشاركية في القضايا الكبرى مع فاعلي القطاع والمجتمع المدني بغية تحقيق الأهداف التالية:

  • تقاسم تشخيص واقع ممارسة الإعلام الجديد ميدانيا وقانونيا؛
  • تبادل وجهات النظر المختلفة والإنصات إلى انتظارات المهنيين والفاعلين والمستهلكين.
  • تدارس سبل معالجة عوائق الممارسة الإعلامية في مجال الإعلام الجديد.
  • الخروج بتوصيات للنهوض بالإعلام الجديد على المستوى التشريعي وعلى مستوى السياسات العمومية.

المحـــــــــــــــــــــــــاور :

  1. واقع الإعلام الجديد: الجمعوي والإلكتروني.
  2. آفاق التطوير: الممارسة والتشريع.